مدينة عثر

مدينة عثر

هي مدينة تاريخية اندثرت معالمها ولم يبقى منها سوى الأطلال، تقع مدينة عثر على ساحل البحر الأحمر في منطقة جازان، وتبعد حوالي 40 كيلو متر إلى الشمال الغربي من مدينة جازان، و 16 كيلو متر إلى الغرب من صبيا، وتقع أيضا على ساحل البحر الأحمر بالقرب من قوز الجعافرة، ومدينة عثر التاريخية تقع على لسان من اليابسة يمتد داخل مياة البحر الأحمر ويعرف باسم رأس الطرفة، ويرجع تاريخها إلى العصر الإسلامي المبكر واستمر استيطانه حتى القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي)، وقد ذكر الموقع أبو محمد الهمداني في تحديده لأقاليم جنوب الجزيرة العربية في كتابه صفة جزيرة العرب حيث رتبها من الجنوب للشمال بقول «… فباحة جازان إلى عثَّر فرأس عثَّر وهو شديد الموج».

بدأ تاريخ المدينة مع أسرة الزيادي التهامية، وكانت الأسرة قد كان لها ارتباط تاريخي مع الخلفاء العباسيين، ثم أتى سليمان بن طرف الحكمي حيث نصب نفسه حاكما شبه مستقل على عثر سنة 350 هـ الموافق 960 وأسس فيها دولته المخلاف السليماني، وحكم خلفاؤه عثر حتى عام 453 هـ الموافق 1061، وكانت عثر ميناء غنيا بالتجارة منذ أن أنشئ فيها دار ملكية عباسية لضرب النقود وأصبح الدينار العثري معروفا في تهامة، وكانت إيرادات طرف السنوية تزيد عن خمسمئة ألف دينار عثري، بالإضافة إلى وجود دار ضرب للعملة في مدينة عثر، وفي بيش كانت تسك عملة دينار يسمى (الدينار العثري)، وجميع الدنانير الذهبية العثرية التي اكتشفت وتوفرت في الوقت الراهن تعود للقرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي)، ومن أقدم هذه المجموعة من الدنانير دينار ذهبي من ضرب بيش يعود لسنة 302 هـ الموافق 914، بينما أخر دينار اكتشف من ضرب عثر في سنة 393 هـ الموافق 1002. وكان سليمان بن طرف الحكمي ابرز من حكم في تلك المنطقة حتى انه لا زالت المنطقة تسمى باسم المخلاف السليماني، كما وأن أول ذكر للمدينة والمقاطعة يأتي في سنة 632 حينما استولى الأسود العنسي على مدينة عثر وعلى مواقع ساحلية إضافية مثل الشرجة والحرضة والفلفيقا والظاهر جنوبا حتى عدن، وذلك أيام حروب الردة، وفي عام 1400 هـ الموافق 1980 سجل موقع عثر برقم (217-108) خلال مسح المنطقة الجنوبية الغربية من المملكة العربية السعودية مسح جنوب تهامة، وعرف باسم عثر وقيل عنه أن له مكونات من حضارة الجزيرة والأمويين والعباسيين، وفي عام 1404 هـ الموافق 1984 اختير الموقع وأجريت به مجسات من أجل الحصول على قطاعات مفصلة ورسم خريطة للموقع الأثري وقد يرجع تأريخ أقدم استيطان به إلى حضارة جنوب الجزيرة العربية.

كانت عثر ميناء غنيًا بالتجارة، وقد كان سوقه من الأسواق المعروفة في جنوب الجزيرة العربية حيث أصبح نقطة التقاء ما بين حضارتين، الأولى تلك السفن القادمة من بلاد الشرق كالهند والصين، والأخرى السفن القادمة من بلاد الشام ومصر بالإضافة إلى علاقته بالساحل الأفريقي، وقد تمكنت الإدارة العامة للآثار والمتاحف من تسليط الضوء على الميناء بواسطة التقنيات التي أجرتها في عام 1404هـ/1984م مما أسفر عن وجود وحدات معمارية لمساكن تتباين فيها أساسيات البناء، وعثر على مجموعة من أواني الخزف التي تحمل اللون الأزرق والأخضر والخزف الصيني، وكذلك الأواني الحجرية والزجاجية والحجر الصابوني والمعادن، كما عُثر فيه على دينار سُجل عليه اسم عثر، ويحمل تاريخ ضربه في سنة 342هـ ويتواجد في المكتبة الوطنية بباريس.

لا تتوفر معلومات تاريخية تنبئ عن اندثار مدينة عثر، عدا ما يورده المؤرخ اليمني الجندي في معرض حديثه عن أهالي مدينة المهجم، فقد أورد معلومة تاريخية تتعلق بخراب مدينة عثر الساحلية واندثارها ونصها: «وقدم المهجم صالح بن علي بن أحمد العثري نسبة إلى جزيرة في البحر يقال لها عثر، سميت بذلك لأنها يقابلها من البر قرية يقال لها عثر قد خربت منذ زمن طويل وهي بين حرض وحلي». وفي حالة الأخذ بالحسبان تاريخ وفاة الجندي الذي كان في الثلث الأول من القرن الثامن الهجري الرابع عشر الميلادي، أي أنه توفي ما بين سنة 730 هـ وسنة 732 هـ الموافق 1329 – 1331، فخراب عثر الذي وصفة الجندي انه حدث منذ زمن طويل ربما أنه حدث خلال النصف الأول أو الثاني من القرن السابع الهجري الثالث عشر الميلادي، وبالرغم من عدم توفر تأكيدات تاريخية من مؤرخين آخرين، ما يتوفر هو أن هذا التاريخ يتوافق مع انتقال عاصمة المخلاف السليماني من مدينة عثر إلى مدينة جازان العليا لأسباب تاريخية.

المصدر: https://cutt.us/Z7Vdp

You May Have Missed