منطقة جازان هي إحدى المناطق الإدارية التابعة للمملكة العربية السعودية، تقع بجنوب غرب المملكة وتطل على البحر الأحمر. ويوجد بها ميناء جازان ثالث موانئ المملكة على ساحل البحر الأحمر من حيث السعة. عاصمة المنطقة الإدارية هي مدينة جيزان، وتضم المنطقة عدد من المحافظات والمراكز الإدارية التابعة لها المتوزعة في قسميها الشرقي في المرتفعات الجبلية والغربي الساحلي، حيث تمتاز بتنوعها البيئي والمناخي وتعتبر البوابة الرئيسية لجزر فرسان. وقد كانت المنطقة تعرف سابقاً بإسم المخلاف السليماني وبها آثار يرجع تاريخها إلى 8000 سنة قبل الميلاد. وتعد منطقة جازان أحد المنافذ البرية التي تربط السعودية بالجمهورية اليمنية كونها تحدها من الجهة الجنوبية والجنوبية الشرقية. كما تعد منطقة جازان إحدى أهم المناطق الزراعية في المملكة حيث تتنوع محاصيلها، ومن أشهر هذه المحاصيل المانجو وكذلك البابايا وعدد من المحاصيل الزراعية الأخرى. وتعتبر منطقة جازان ثاني أصغر مناطق المملكة مساحة بعد منطقة الباحة، حيث تقدر مساحتها بنحو 13.457 كم2، ويقدر عدد سكانها بحوالي 1,603,659 نسمة حسب إحصائية عام 2018م وهي بذلك تعتبر أكثر مناطق السعودية كثافة سكانية بالنسبة للمساحة.
الموقع
تقع منطقة جازان في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة العربية السعودية بيـن خطي طول (42 ْ – 43 ْ) شرقاً ودائرتي عرض (16 ْ – 17 ْ) شمالاً، ويحدها من الشمال والشرق منطقة عسير ومن الغرب البحر الأحمر بطول ساحلي نحو 330 كم، ومن الجنوب والجنوب الشرقي الجمهورية اليمنية، كما يبلغ العمق المتوسط للمنطقة من الشرق إلى الغرب نحو 100 كم. وتعتبر هذه المنطقة همزة وصل بين التجارة البرية والبحرية للمنطقة الجنوبية إذ ان بها ميناء جازان ثالث موانئ المملكة من حيث السعة وتعتبر البوابة الرئيسية لواردات الجزء الجنوبي الغربي من المملكة وهي محطة استراحة للحجيج القادمين من اليمن بحكم موقعها على الطريق الذي يربط بين اليمن ومكة المكرمة.
المساحة
وتبلغ المساحة الإجمالية لمنطقة جازان نحو 13.457 ألف كم2 بخلاف ما يقارب 80 جزيرة بالبحر الأحمر أشهرها جزيرة فرسان، حيث تبلغ مساحة هذه الجزر نحو 702 كم2، وتمثل هذه المساحة للمنطقة ما يقارب 0.7 % من مساحة المملكة العربية السعودية، وهي بذلك تعتبر من أصغر مناطق المملكة مساحة بعد منطقة الباحة.
عدد السكان
يقدر إجمالي عدد السكان بمنطقة جازان بـ (1,567,547) نسمة، يمثلون نسبة 4.8% من عدد السكان المملكة، حسب إحصائية الهيئة العامة للإحصاء لعام 2017.
المناخ
رسم يوضح كثافة عدد سكان السعودية (بالنسبة إلى كم²) حسب إحصائية عام 2010م وتظهر جازان ذات أعلى نسبة تليها الباحة.
يتأثر مناخ منطقة جازان بحركة الرياح الاستوائية ويتنوع لتنوع مظاهر السطح والخصائص الجغرافية للمنطقة، فإن مناخ السهل الساحلى معتدل شتاء وحار رطب صيفا، وتنخفض درجة الحرارة تدريجيا بإتجاه الجبال، وينتج عن ذلك هطول الأمطار، وترتفع درجة الحرارة خلال الفترة من شهر يونيو إلى شهر سبتمبر، ويتراوح متوسط درجات الحرارة بين 25 درجة مئوية في شهر يناير و35 درجة مئوية في شهر يونيو، وقد بلغت أقصى درجه حرارة 41 درجة، وأدنى درجة حرارة 18 , وتتزايد الرطوبة النسبية من اتجاه الجزء الشرقي للسهول إلى ناحية الغرب، ويتراوح معدل الرطوبة النسبية بين 61% في شهر يوليو إلى 79% في شهر ديسمبر، وبلغ الحد الأقصى للرطوبة النسبية 99% والحد الأدنى 27%.
كما تهب الرياح الشمالية الغربية على جازان من شهر مايو إلى شهر سبتمبر، وتهب الرياح الموسمية في شهري يونيو وأغسطس وتكون محملة بالعواصف الرملية مشكلة ظاهرة الغبرة، وتبلغ سرعة الرياح الموسمية في المنطقة حوالي 26 كم/ ساعة كمتوسط سنوي، إلا أن الفترة التي تتميز بزيادة سرعة الرياح تقع خلال الصيف، حيث ترتفع إلى ما يزيد على 30 كم/ ساعة خلال الأشهر مايو ويونيو وأغسطس وسبتمبر.
وتهطل الأمطار في المنطقة في فصل الصيف خلال شهور يوليو وأغسطس وسبتمبر، حيث تكون نسبة 47% من الهطول السنوى في جبال فيفاء ونحو 52% في أبو عريش ونحو 76% في صبيا ونحو 71% في هروب ونحو 61% في عتود ويتراوح تساقط الأمطار بين 100 إلى 450 مليمترا حسب ارتفاع الموقع، وتكون هذه الأمطار غالبا كثيفة وغزيرة، وتولد سيول ضخمة ومفاجئة نتيجة سقوط الأمطار على المناطق الجبلية وانحدارها الحاد تجاه الساحل، حيث مسارات الأودية الرئيسة بالمنطقة غالباً ما تتجه من الشرق إلى الغرب باتجاه ساحل البحر الأحمر.
تاريخ المنطقة
عرفت منطقة جازان الحالية في العهد الجاهلي ثم الإسلامي حتى العصر الحديث بكونها مخلافا والمِخْلاف هو الكَوْة والكورة كل صُقع يشتمل على عدة قرى لها قصبة أو مدينة أو نهر؛ يجمع باسمه تلك القرى. وعن إشتقاقه يقول ياقوت الحموي (ت 626 هـ): لم أسمع في اشتقاقه شيئاً، لكنه يؤكد أن التسمية ناتجة عن تخلف القبائل في بعض النواحي واستقرارهم بها. فإذا استقرت القبيلة في ناحية ما سموها مخلافاً لتخلفها في تلك الناحية، وسموا المخلاف باسم أب تلك القبيلة. جاء في حديث معاذ: (من تحول من خلاف إلى مخلاف فعُشره وصدقته إلى مخلاف عشيرته الأول، وإذا حال عليه الحول). وعليه فالمخلاف كلمة تطلق على المنطقة المتعددة القرى يجمع بينها في الغالب مدينة تكون مرجعاً ويكون اسمها جامعاً لتلك القرى. كما يكون معناه أيضاً: المنطقة أو الناحية التي تخلفت بها قبيلة ما، ولتخلفها واستقرارها بها، عرفت تلك المنطقة أو الناحية بالمخلاف وسمي المخلاف أب تلك القبيلة: كمخلاف حَكَم ومخلاف هَمَدان. والمخلاف تسمية مألوفة في جنوب الجزيرة العربية و تهامة واليمامة، بل وفي البصرة و الكوفة أيضاً. وأشهر تلك الأسماء هي:
مخلاف حَكَم
هو نسبه إلى قبيلة الحكم بن سعد العشيرة إحدى قبائل مذحج ، وقاعدته مدينة الخصُوف على عدوة وادي خُلب ‘ والشَّرجة ساحله (مرساه). وملوكه من حكم آل عبد الجدَ في الجاهلية ثم الإسلام. حدوده : يمتد هذا المخلاف من وادي صبياء شمالاً إلى أودية عبس جنوباً. قال الهمداني (ت بعد 344 هـ) وهو يعدد أودية تهامة: “يتلوه (أي وادي مور) وادايا بني عبس من حكم، ووادي حيران وخذلان” وهذه الأودية جنوب حرض، ضمن أراضي الجمهورية اليمنية حالياً. وبذلك فإن الحدود القديمة لمخلاف حكم تجاوزت حرض أو (الشرجة) لتشمل عبس.
مخلاف عثر
وهو مخلاف عظيم وتغر جميل وسـاحل جليل، وأحد أسـواق العرب. مـلوكه من بني طرف وكانوا موالي بني مخزوم. حدوده تمتد من وادي صبيا جنوباً إلى وادي حمضة شمالاً غير أن الأقدمين لم تكن إشارتهم إلى وادي حمضة على أنه نهاية مخلاف عثر بل إلى أن الوادي من عثر والحدود الإدارية لمنطقة جازان من الناحية الشمالية تمتد إلى ما وراء حمضة والقحمة لتصل إلى وادي ذهبان (شمال القحمة)، لأن قبيلة المنجحة التي تتبع للقحمة تمتد منازلهم إلى الضفة الجنوبية لوادي ذهبان، لتبدأ من ضفته الشمالية قبيلة بني هلال التابعة للبرك.
المخلاف السُلَيْماني
المخلاف السليماني في فترة حكم الأدارسة.
وهذه التسمية الأكثر شهرة من التسميتين السابقتين (حكم وعثر) ليس في تاريخ المنطقة فحسب، بل في كافة كتب التاريخ المعنية بجنوب الجزيرة العربية. حيث أن تسمية مخلاف حكم وكذلك تسمية مخلاف عثر انتهيا في النصف الأخير من القرن الرابع الهجري بتوحيدهما في إطار سياسي واحد عًرف بـ (المخلاف السليماني). ومبدأ تلك الشهرة يرجع إلى النصف الأخير من القرن الرابع الهجري، إذ تمكن السلطان الشهير سليمان بن طرف الحكمي سنة 373 هـ ولأول مرة في تاريخ المنطقة من توحيد المخلافين (حكم ـ وعثر) في مخلاف واحد كبير، يمتد من الأطراف الجنوبية لمخلاف حكم (جنوب أودية عبس بن ثواب الحكمي) جنوباً، إلى آخر حدود مخلاف عثر على ضفاف وادي ذهبان عند بلدة البرك شمالاً. لكنه مالبث أن مد نفوذه إلى الشمال حتى تخوم وادي حلي شمالاً. ونُسب المخلاف الموحد فيما بعد إلى مؤسسه المذكور فعرف بالمخلاف السليماني ورغم قصر مدة حكم هذا السلطان التي لا تزيد كثيراً عن عشرين سنة ـ ورغم تواري أسرته عن مسرح الأحداث السياسية بعد وفاته فإن اسم المخلاف السليماني استمر اسم شهرته للمنطقة حتى منتصف القرن الرابع عشر الهجري أي عشرة قرون كاملة.
اسم جازان
أخذ يلوح في أفق المنطقة تسمية أخرى، ما تزال تتردد على مسامع العامة والخاصة حتى أصبحت التسمية الأقرب في الخطاب والكتاب في الوقت الذي أخذت فيه التسمية التاريخية تتلاشى شيئاً فشيئاً حتى باتت التسمية ‘المخلاف السليماني’ غير معروفة الدلالة إلا لذوي الاهتمام والمطالعات التاريخية، تلك التسمية هي جَـازَان وتردد اسم جازان بهذا اللفظ، على الأقل منذ بداية التاريخ الإسلامي على صفحات كثير من المصادر التاريخية والأدبية، كما تردد على صفحات كتب الحديث والتراجم إلا أن نجم شهرته تأثر تألقاً وأقولاً تبعاً لقوة تأثيره في الحديث السياسي. وربما ساهمت المراكز السياسية بمسمياتها المنوه عنها آنفاً في بُعد هذا الاسم عن مسرح الإعلام السياسي، لشغل تلك المسميات مساحة كبيرة منه ومع ذلك تمكن اسم جازان بين وقت وآخر من تحقيق الحضور الإعلامي المناسب أبتداء بجازان الوادي، ومروراً بجازان الداخلية، ثم جازان البندر (الساحلية) وانتهاء بجازان المقاطعة ثم جازان المنطقة الإدارية
وفيما يلي رصد مرحلي لاسم جازان منذ بداية ظهوره ودلالاته المختلفة عبر العصور التاريخية المتعاقبة حتى العصر الحاضر:
القرن الأول الهجري
وفيه تردنا أقدم إشارة صريحة تحمل اسم جازان بهذا اللفظ، حيث أقطع الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك (ت 99 هـ) الشاعر أبا دهبل الجمحي القرشي (126) أرضاً بمنطقة الدارسة جازان. تشير المصـادر إلـى أن علاقة الشاعر بالمنطقة ربمـا بدأت منذ إمارة عبد الله بن الزبير التي قامت بين 63 هـ و 73 هـ حيث ولَّى الأخيرُ الشاعر عملاً في جنوب الجزيرة العربية، وربما يكون هذا العمل منطقة الدراسة جازان. وأن سليمان أعدها له. ويرجح د. الزيلعي أن الشاعر مكث زمناً ليس بالقصير في منطقة جازان بدليل ورود كثير من أمكنتها في شعره بما فيها جـازان. حيث يقول:
سقى الله جازانا ومن حل ولية وكل مسيل من سهام وسردد
القرن الثاني الهجري
وفيه عاش الإمام يحي بن آدم بن سليمان مولى بني أمية، وألف كتابه المعروف: الخراج وأورد فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً هذا نصه: أن عبد الله بن حرملة المدلجي الكناني أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم “يا رسول الله إني أحب الجهاد والهجرة وأنا في مال لا يصلحه غيري”. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لن يألِتَك الله من عملك شيئاً ولو كنت بضمد وجازان» إلا أن كتب الحديث وكتب جرح وتعديل الرجال أشارت إلى ضعف الحديث لأسباب أهمها أنه عن طريق إبراهيم بن أبي يحيى وهو: أبو أسحاق إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى سمعان الأسلمي المدني المتوفى بالمدينة سنة 184 هـ.
العهد السعودي
رغم الاهتمام العثماني بالمدن الساحلية إلا أن ذلك الاهتمام كان يتفاوت من مدينة إلى أخرى فلم يحظ بندر جازان بما حظيت به المدن الساحلية الكبرى كبندر جدة مثلاُ. حتى الدول المحلية التي قامت في المخلاف السليماني بعد دخول العثمانين إلى المنطقة انصرفت إلى المدن الداخلية تتخذ منها عواصم لها وتزيد في الاهتمام بها. كدولة أحمد بن غالب (1102 ـ 1105 هـ) وعاصمته أبو عريش وجازان (القديمة). ودولة آل خيرات (1141 ـ إلى ما بعد 1284 هـ) وعاصمتهم أبو عريش ودولة الأدارسة (1326 ـ 1351 هـ) وعاصمتهم صبيا مما جعل بندر جازان محدود الأهمية، لا تتجاوز أهميته كمرسى لوادي جازان وإن بنى بعض أمراء تلك الدولة قلاعاً فيه.
وظل بندر جازان كذلك حتى دخلت المنطقة تحت الحماية السعودية بموجب معاهدة مكة عام 1345 هـ بين الملك عبد العزيز آل سعود والإمام الحسن الادريسي. ثم تم ضمها إلى مقاطعات ‘ مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها ‘ على أثر برقية رفعها الإمام الإدريسي للملك عبد العزيز آل سعود عام 1349 هـ (الموافق لعام 1930 م) وبذلك أصبحت جازان وما حولها جزءاً من البلاد السعودية. فاتخذت الدولة السعودية مقراً لأول مندوب لها وهو صالح بن عبد الواحد بجـازان البحر. وبعد ثورة الأدارسة وفرارهم إلى الجبال اليمنية في أواخر عام 1351 هـ شهدت المنطقة انتعاشاً في مجال التنظيم الإداري والعمراني فأصبحت العاصمة الإدارية لعموم المنطقة، والمقر الدائم لأميرها. كما أصبحت الثغر الوحيد الذي تطل منه منطقة جازان على خطوط الملاحة البحرية الإقليمية والعالمية بعد أن أغلقت بقية الثغور والمراسي التي كانت مفتوحة على طول شواطئ المنطقة.